شاهِدٌ عَلَى الْقِمَّةِ قصيدة جديدة للشاعر محمد خضير
قابِلْ هذا الصمتَ بضربَتِكَ الأُولى
وأعلنْ قِمَّتَكَ،
اجعلْ من بيانِكَ الختاميِّ
غيرَ ما أرادوا
وأعلنِ الحدادَ على أمتِكَ،
واجعل من نَعلِكَ بيتَ عزاءٍ
يليقُ بمن ماتَ مِنهم، أَوْ هَلَكْ
أعلامُهُم بيضاءَ فوقَ عُرُوشِهِم
والرايةُ الحمراءُ رايتُكَ ،
كُنْ لُغَةَ العاشِقِين لأَرضِهِم
وتَحَّولْ باسمِ اللهِ رَصاصًا
قاتلْ هذا الصَمتَ والبندقيةَ،
فالصمتُ يقتلُ,
كما في البندقيةِ مَقْتَلُكْ !
منابِرهُم خُطَبٌ جوفاءُ
ومنبرُ قمتِكَ، لا صَمْتٌ فيهِ
رأيْتُكَ تَفْترشُ الكَفَنَ على أرضِ بيسانَ
وتُزهرُ كَمَا الوردُ في الصُبحِ،
رائحةُ العطرِ
.. المسكِ
والزّنادُ في سَبّابتِكْ؛
جميلةٌ كلُّ إطلالَتِكَ
رأيتُك والبُندقيةَ تصرخان
إنْ أَنْتَ صَمَتَّ، تَكلمتْ بندقَيتُكْ
رأيتُك حينَ حزِنْتَ لسقوطِ الرفاقْ؛
هم قناديلُ الظلامِ إنْ غابَ القمرْ
فالأرضُ لا ترضى إلاّ العِناقْ
وسقوطُ الأوراقِ لا يَعني موتَ الشَجرْ
رأيتُك تهمسُ باسمِ اللهِ
تهمسُ باسمِ الوطنِ ..
رأيتُكَ تُخرجُ ما معَكْ
رأيتُكَ حينَ تَبَعْثرْتَ
حاوَلْتُ أُلَمْلِمُ أشلاءَكَ
... أشياءَكَ
ما كانَ في جُعْبتِك
رأَيْتُكَ وآخرُ الأنفاسِ
تَخرُجُ من فمِكْ.
لستَ آخرَ الأسماءِ
إنّمَا اسمُكَ ذاكرهْ
... قاطرهْ
... سفرٌ
قضيةٌ عالقةٌ في جِدّة
عالقةٌ في القاهرةِ،
هناك على طاولةٍ في قطرْ !
وأنتَ حَزِنْتَ لِسقوطِ الرفاقْ
... نعمْ
هُمْ آخرُ ما تَبَقّى في الشوارعِ والزقاقِ
هُمْ كانُوا قناديلَ تُضَاءْ
وكانُوا حقًا آخرَ الأسماءِ
فَمَنْ بقوا
حَجَزوا التذاكرَ لِلمفاوضاتِ
سلامٌ بكلِّ اللغاتْ
سلامٌ بينَ الشاةِ والجّزارِ؛
بينَ الأحلامِ وبين القدرْ
في كلِّ بقاعِ الأرضِ مفاوضاتْ
وصَحفيّون للتصويرِ ... وبقرْ
هم آخرُ الحيواناتْ
يا آخرَ الأسماءْ
هم حكوماتٌ بالمختصرْ
وقضايا تالفةٌ
بين المتوسطِ وبغدادَ
وما تَبَقّى مِنْ صُورْ.
وأنتَ حَزِنْتَ
وما حزنْتَ لنفسِكَ
حين دَفَنُوا عِزَّتَكْ
حين وضَعُوا غُربَتَكْ
في سراوِيْلِهِم، وقَذَفوكَ بعيدًا
هذا سلامُ الشجعانْ
فارقُدْ في مضْجعِكْ
هم لا يُريدونَ قمَّتَكْ
... شَجَبُوا ما فَعلتْ،
... ولَعَنُوا ما فَعَلتْ
كَمْ أَثَرْتِ الشَفَقَةُ فيهمْ على منْ قَتَلتْ،
سمعتُهُم يستنكرون
سمعُتُهم يشجبون
رأيتُهُم يرقصون فَرَحًا
... يَومَ مَقْتَلِكْ !